فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ}
قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ}: {يوم} منصوب بفعلٍ مقدر، أي: خَوِّفْهم، أو ذكِّرْهم يوم. والضميرُ عائد على الفريقين، أي: الذين أحسنوا والذين كسبوا. و{جميعًا} حال. ويجوز أن تكون تأكيدًا عند مَنْ عَدَّها مِنْ ألفاظ التأكيد.
قوله: {مَكَانَكُمْ}، {مكانكم} اسمُ فعل، ففسَّره النحويون باثبتوا فيحمل ضميرًا، ولذلك أُكِّد بقوله: {أنتم} وعُطِف عليه {شركاؤكم}، ومثله قول الشاعر:
وقَوْلِي كلما جَشَأَتْ وجاشَتْ ** مكانَكِ تُحْمَدي أو تَسْتريحي

أي: اثبتي، ويدلُّ على جزمُ جوابِه وهو تُحْمَدي. وفسَّره الزمخشري بالزموا قال: {مكانكم} أي: الزموا مكانكم، ولا تَبْرحوا حتى تنظروا ما يُفْعل بكم.
قال الشيخ: وتقديره له بالزموا ليس بجيد، إذ لو كان كذلك لتعدَّى كما يتعدَّى ما ناب هذا عنه، فإنَّ اسمَ الفعلِ يُعامل معاملةَ مسمَّاه، ولذلك لمَّا قدَّروا عليك بمعنى الزم عدَّوْه تعديتَه نحو: عليك زيدًا.
وعند الحوفي {مكانكم} نُصب بإضمار فعل، أي: الزموا مكانكم أو اثبتوا.
قلت: فالزمخشري قد سُبِق بهذا التفسير. والعذرُ لمَنْ فسَّره بذلك أنه قصد تفسير المعنى، وكذلك فَسَّره أبو البقاء فقال: {مكانكم} ظرفٌ مبنيٌّ لوقوعِه موقعَ الأمر، أي: الزموا.
وهذا الذي ذكره مِنْ كونه مبنيًا فيه خلاف للنحويين: منهم مَنْ ذهب إلى ما ذَكَر، ومنهم مَنْ ذهب إلى أنها حركةُ إعراب، وهذان الوجهان مبنيَّان على خلافٍ في أسماء الأفعال: هل لها محلٌّ من الإِعراب أو لا؟، فإن قلنا لها محلٌّ كانت حركاتُ الظرفِ حركاتِ إعراب، وإن قلنا: لا موضع لها كانت حركاتِ بناء. وأمَّا تقديرُه بالزموا فقد تقدَّم جوابه.
وقوله: {أَنتُمْ} فيه وجهان أحدهما: أنه تأكيدٌ للضمير المستتر في الظرفِ لقيامِه مقامَ الفاعلِ كما تقدَّم التنبيه عليه. والثاني: أجازه ابن عطية، وهو أن يكونَ مبتدأً، و{شركاؤكم} معطوف عليه، وخبرُه محذوفٌ قال: تقديرُه: أنتم وشركاؤكم مُهاون أو مُعَذَّبون، وعلى هذا فيُوقَفُ على قوله: {مكانكم} ثم يُبتدأ بقوله: {أنتم}، وهذا لا يَنْبغي أن يقال، لأن فيه تفكيكًا لأفصحِ كلام وتبتيرًا لنظمه من غير داعيةٍ إلى ذلك، ولأن قراءةَ مَنْ قرأ {وشركاءَكم} نصبًا تدل على ضعفه، إذ لا تكونُ إلا من الوجه الأول، ولقولِه: {فزيَّلْنا بينهم}، فهذا يدلُّ على أنهم أُمِروا هم وشركاؤهم بالثبات في مكانٍ واحدٍ حتى يحصلَ التَّزْيِيْلُ بينهم.
وقال ابن عطية أيضًا: ويجوزُ أن يكون {أنتم} تأكيدًا للضمير الذي في الفعل المقدر الذي هو قفوا ونحوه.
قال الشيخ: وهذا ليس بجيدٍ، إذ لو كان تأكيدًا لذلك الضمير المتصل بالفعل لجاز تقديمُه على الظرف، إذ الظرفُ لم يتحمَّلْ ضميرًا على هذا القول فيلزمُ تأخيرُه عنه وهو غير جائز، لا تقول: أنت مكانَك ولا يُحْفظ من كلامهم. والأصحُّ أنه لا يجوز حَذْفُ المؤكَّد في التأكيد المعنوي، فكذلك هذا لأن التأكيدَ ينافي الحذف، وليس من كلامهم: أنت زيدًا لمَنْ رأيته قد شَهَرَ سَيْفًا، وأنت تريد: اضرب أنت زيدًا إنما كلامُ العرب: زيدًا تريد: اضرب زيدًا.
قلت: لم يَعْنِ ابنُ عطية أن أنت تأكيد لذلك الضمير في قفوا من حيث إنَّ الفعلَ مرادٌ غير منوبٍ عنه، بل لأنه نابَ عنه هذا الظرفُ، فهو تأكيدٌ له في الأصلِ قبل النيابة عنه بالظرف، وإنما قال: الذي هو قفوا تفسيرًا للمعنى المقدر.
وقرأ فرقةُ {وشركاءَكم} نصبًا على المعية. والناصبُ له اسم الفعل.
قوله: {فَزَيَّلْنَا}، أي: فرَّقْنا وميَّزْنا كقوله تعالى: {لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا} [الفتح: 25]. واختلفوا في زيَّل هل وزنُه فَعَّل أو فَيْعَل؟ والظاهرُ الأول، والتضعيفُ فيه للتكثيرِ لا للتعديةِ لأنَّ ثلاثيَّه متعدٍّ بنفسِه. حكى الفراء زِلْتُ الضَّأن من المَعِز فلم تَزِل، ويقال: زِلْت الشيء مِنْ مكانه أَزيله، وهو على هذا من ذواتِ الياء. والثاني: أنه فَيْعَل كبَيْطَر وبَيْقَر وهو مِنْ زال يَزُول، والأصل: زَيْوَلْنا فاجتمعت الياء والواو وسَبَقَت إحداهما بالسكون فأُعِلَّت الإِعلالَ المشهورَ وهو قَلْبُ الواوِ ياءً وإدغامُ الياء فيها كميِّت وسَيّد في مَيْوِت وسَيْودِ، وعلى هذا فهو من مادة الواو. وإلى هذا ذهبَ ابن قتيبة، وتبعه أبو البقاء.
وقال مكي: ولا يجوز أن يكون فَعَّلْنا مِنْ زال يزول لأنه يلزم فيه الواوُ فيكون زَوَّلنا، قلت: هذا صحيحٌ، وقد تقدم تحريرُ ذلك في قوله: {أَوْ مُتَحَيِّزًا إلى فِئَةٍ} [الأنفال: 16]. وقد ردَّ الشيخ كونَه فيْعَل بأنَّ فعَّل أكثر من فَيْعَل، ولأن مصدره التزييل، ولو كان فَيْعَل لكان مصدرُه فَيْعَلة كبَيْطَرة؛ لأن فَيْعَل ملحقٌ بفَعْلَل، ولقولهم في معناه زايَل، ولم يقولوا: زاول بمعنى فارق، إنما قالوه بمعنى حاول وخالط. وحكى الفراء {فزايَلْنا} وبها قرأت فرقة.
قال الزمخشري: مثل صاعَرَ خَدَّه وصَعَّره، وكالمتُه وكلَّمْته، قلت: يعني أن فاعَل بمعنى فَعَّل. وزايَلَ بمعنى فارَقَ.
قال:
وقال العذارى إنَّما أنت عَمُّنا ** وكان الشبابُ كالخليطِ نُزايِلُهْ

وقال آخر:
لعَمْري لَمَوْتٌ لا عقوبةَ بعده ** لِذي البَثِّ أَشْفَى مِنْ هوىً لا يُزايلُهْ

وقوله: {فَزَيَّلْنَا} وقال: هذان الفعلان ماضيان لفظًا مستقبلان معنىً لعطفِهما على مستقبل وهو {ويوم نحشرهم} وهما نظيرُ قوله تعالى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القيامة فَأَوْرَدَهُمُ} [هود: 98]. و{إيَّانا} مفعولٌ مقدمٌ قُدِّم للاهتمام به والاختصاص، وهو واجبُ التقديمِ على ناصبِه لأنه ضميرٌ منفصل لو تأخر عنه لَزِمَ اتصالُه. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28)}
يجمع بين الكفار والأصنام التي عبدوها من دون الله، فتقول الأصنام: ما أمرناكم بعبادتنا. فيدعون على الشياطين التي أطاعوها، وعلى الأصنام التي أمرتهم أن يعبدوها، وتقول الأصنام: كفى بالله شهيدًا، على أنَّا لم نأمركم بذلك؛ إذ كُنَّا جمادًا. وذلك لأنَّ اللَّهِ يُحْيِيها يوم القيامة ويُنْطِقها.
وفي الجملة.. يتبرأ بعضُهم مِنْ بعض، ويذوقُ كلُّ وبالَ فِعْلِه.
وفائدةُ هذا التعريف أنه ما ليس لله فهو وبالٌ عليهم؛ فاشتغالُهم- اليوم- بذلك مُحَالٌ، ولهم في المآلِ- مِنْ ذلك- وبالُ. اهـ.

.تفسير الآية رقم (29):

قوله تعالى: {فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (29)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما نفوا ذلك عطفوا عليه مسببين عنه قولهم: {فكفى بالله} أي المحيط علمًا وقدرة {شهيدًا} أي هو يكفينا كفاية عظيمة جدًا من جهة الشهادة التي لا غيبة فيه بوجه ولا ميل أصلًا {بيننا وبينكم} في ذلك يشهد لنا وعلينا؛ ثم استأنفوا خبرًا يصحح نفيهم فقالوا مؤكدين لأنهم كانوا يعتقدون علمهم: {إن} أي إنا {كنا} أي كونًا هو جبلة لنا {عن عبادتكم} لنا أو لغيرنا مخلصة أو مشوبة؛ ولما كانت {إن} هي المخففة من الثقيلة تلقيت باللام الفارقة بينها وبين النافية فقيل: {لغافلين} لأنه لا أرواح فينا، فلم تكن بحيث نأمر بالعبادة ولانرضاها فاللوم عليكم دوننا، وذلك افتداء من موقف الذل أو أنهم لما تخيلوا في الشركاء صفات عبدوها لأجلها وكانت خالية عنها صح النفي لأنهم عبدوا ذوات موصوفة بصفات لا وجود لها في الأعيان، وأيضًا فإنهم ما عبدوا إلاّ الشياطين التي كانت تزين لهم ذلك وتغويهم، ويكون التقدير على ما دل عليه السياق: {فزيلنا بينهم} أي منعناهم مما كانونا فيه من التواصل والتواد المقتضي للتناصر بعبادة الأوثان، فقال المشركون لشركائهم لما أبطأ عنهم نصرهم: إنا كنا نعبدكم من دون الله فأغنوا عنا كما كنا نذب عنكم وننصر دينكم {وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون} أي كُشِف لنا اليوم بتفهيم الله أنه ليس الأمر كما زعمتم وأنكم لم تخصونا بالعبادة حتى يلزمنا منعكم على أنكم لو خصصتمونا ما قدرنا على ذلك قال الشيطان {ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي} [إبراهيم: 22] {فكفى} أي فتسبب عن نفينا لذلك على ما كشف لنا من العلم أن نقول: كفى {بالله شهيدًا بيننا وبينكم} في ذلك، يشهد أنكم لم تخصوا أحدًا منه ومنا بعبادة بل كنتم مذبذبين، وهذا كله إشارة إلى أن العبادة المشوبة لا اعتداد بها ولا يرضاها جماد لو نطق، وإن من استحق العبادة استحق الإخلاص فيها وأن لا يشرك به أحد وأنه لا يستحق ذلك إلاّ القادر على كشف الكرب والمنع من أن يقطع بينه وبين متوليه وعابده قاطع؛ ولما كانت فائدة الشاهد ضبط ما قد ينساه المتشاهدان، عللوا اكتفاءهم بشهادة الله بقوله: {إن كنا عن عبادتكم} في تلك الأزمان {لغافلين} فأقروا لهم بما هو الحق مما كان يعلمه كل من له تأمل صحيح أنهم لم يشعروا بعبادتهم ساعة من الدهر قبل ساعتهم هذه، فهم أجدر الخلق بالاكتفاء بشهادة الشهيد لأنهم أسوأ حالًا ممن يعلم المشهود به ويخشى النسيان، أو يقال: فقال المشركون لشركائهم: إنا كنا نعبدكم فهل أنتم ناصرونا أو شافعون لنا فنجونا مما وقعنا فيه {وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا} وحدنا {تعبدون} أي ما كنتم تخلصون لنا العبادة حتى يلزمنا أن نخلصكم كما أعلمنا بذلك الله ربنا وربكم المحيط بكل شيء علمًا {فكفى} أي فتسبب عن ذلك أنه كفى {بالله شهيدًا بيننا وبينكم} في ذلك، فكأن المشركين قالوا: قد تضمن كلامكم أن عبدناكم على غير منهج الإخلاص، أفليس قد عبدناكم؟ أفلا تغنون عنا شيئًا؟ فأجاب الشركاء بقولهم: {إن كنا عن عبادتكم} خالصة كانت أو مشوبة {لغافلين} فلا نقر لكم بعبادة أصلًا وإن تيقنا الإخلاص لسلب العلم عنا بما كنا فيه من الجمادية فضلًا عن أن نأمركم أو نرضى بعبادتكم على أنه لا غناء عندنا على تقدير من التقادير؛ أو يقال- وهو أحسن مما مضى-: {وقال شركاؤهم} لما تحققوا العذاب طلبًا لأن يخفف عنهم منه بتوزيعه عليهم وعلى كل من عبدوه من غيرهم {ما كنتم} أيها العابدون لنا {إيانا} أي خاصة {تعبدون} بل كنتم تعبدون أيضًا غيرنا، وهذا يعم والله كل من يرائيه غيره بعمل وهو يعلم أنه يرائيه فيقره ولا ينكره عليه؛ ولما أفهموا بنفي العبادة بقيد الخصوص أنهم كانوا يعبدون معهم غيرهم، وكان المخلوق قاصر العلم غير محيطه بوجه بأحوال نفسه فكيف يعبدون بأحوال غيره، سببوا عن ذلك قولهم: {فكفى بالله شهيدًا بيننا وبينكم إن} أي في أنا {كنا عن عبادتكم} أي في الجملة {لغافلين} والحاصل أن هذا ترجمة كلام الكفار وهو ناشيء منهم عن محض غلبة ودهش وفرط غم وندم وقلق، فلا يشترط أن يكون معناه على الوجه الأسدّ والطريق الأبلغ، فالإعجاز في نظمه، ومرادهم به أن يخفف عنهم من العذاب ولو بمشاركة من كانوا يعبدونهم معهم، فهو من وادي قوله تعالى: {فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء} [إبراهيم: 21]، {فهل أنتم مغنون عنا نصيبًا من النار} [غافر: 47] {فآتاهم عذابًا ضعفًا من النار} [الأعراف: 38] ونحوه {فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب} [الأعراف: 39]- والله أعلم. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال السمرقندي:

{فكفى بالله شَهِيدًا} يعني: عالمًا {بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لغافلين}، يعني: ولم نعلم أنكم تعبدوننا، والفائدة في إحضار الأصنام أن يظهر عند المشركين ضعف معبودهم فيزيدهم حسرة على ذاك. اهـ.

.قال ابن عطية:

{فكفى بالله شهيدًا} الآية.
قال القاضي أبو محمد: وظاهر هذه الآية أن محاورتهم إنما هي مع الأصنام دون الملائكة وعيسى بن مريم بدليل القول لهم {مكانكم أنتم وشركاؤكم} ودون فرعون ومن عبد من الجن بدليل قولهم: {إن كنا عن عبادتكم لغافلين}، وهؤلاء لم يغفلوا قط عن عبادة من عبدهم، و{أنتم} رفع بالابتداء والخبر موبخون أو مهانون، ويجوز أن يكون {أنتم} تأكيدًا للضمير الذي في الفعل المقدر الذي هو قفوا أو نحوه. و{شهيدًا} نصب على التمييز، وقيل على الحال، وأنْ هذه عند سيبويه هي مخففة موجبة حرف ابتداء ولزمتها اللام فرقًا بينها وبين إن النافية، وقال الفراء: إن بمعنى ما واللام بمعنى إلا. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {فكفى بالله شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}
{شَهِيدًا} مفعول، أي كفى الله شهيدًا، أو تمييز، أي اكتف به شهيدًا بيننا وبينكم إن كنا أمرناكم بهذا أو رضيناه منكم.
{إِن كُنَّا} أي ما كنا {عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ} إلا غافلين لا نسمع ولا نبصر ولا نعقل؛ لأنا كنا جمادًا لا رُوح فينا. اهـ.

.قال أبو السعود:

{فكفى بالله شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} فإنه العليمُ الخبير {إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لغافلين} أي عن عبادتكم لنا، وتركهُ للظهور وللإيذان بكمال الغفلةِ عنها، والغفلةُ عبارةٌ عن عدم الارتضاءِ وإلا فعدمُ شعورِ الملائكةِ بعبادتهم لهم غيرُ ظاهرٍ وهذا يقطع احتمالَ كونِ المرادِ بالشركاء الشياطينَ كما قيل فإن ارتضاءَهم بإشراكهم مما لا ريب فيه وإن لم يكونوا مُجْبِرين لهم على ذلك وإنْ مخففةٌ من إنّ واللامُ فارقة. اهـ.

.قال الألوسي:

{فكفى بالله شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لغافلين} والظاهر أن تفسير الغفلة بعدم الارتضاء المراد منهم على ما قيل السخط والكراهة يستدعي الشعور إذ كراهة الشيء مع عدم الشعور به مما لا يكاد يعقل وإثباته لجميع الشركاء ولو اجمالًا في وقت من الأوقات الدنيوية غير مسلم، ولعل التعبير بالغفلة أكثر تهجينًا للمخاطبين ولعبادتهم من التعبير بعدم الطلب مثلًا فتأمل، والباء في {بالله} صلة و{شَهِيدًا} تمييز، و{إن} مخففة من أن واللام هي الفارقة بين المخففة والنافية والظرف متعلق بغافلين، والتقديم لرعاية الفاصلة، أي كفى الله شهيدًا فإنه العليم الخبير المطلع على كنه الحال إنا كنا غافلين عن عبادتكم، والظاهر من كلام بعض المحققين أن {فكفى} الخ استشهاد على النفي السابق لا على الإثبات اللاحق. اهـ.